في إحدى القرى كان يعيش كبش أقرن أليَن ضخم و ديك عملاق يفخَر بعُرفه و يمشي الخيلاء،ذات يوم، خرج أهالي القرية جميعاً إلى النزهة في رحاب الطبيعة، ولم يبقَ فيها غير الكبش والديك.فجأة، سُمعت في عنان الجو ضجة وصياح، على ارتفاع مئات الأمتار.رفع الكبش والديك رأسيهما ليعرفا ما الخبر، فشاهدَا طائرين من الكواسر الجوارح، يتصارعان فوق القرية.بعد هنيهة من التحديق في خوف، قال الديك لرفيقه: - ألا ترى، يا صديقي، أن هذين الطائرين يمكن أن يُسبّبا لنا مشكلات، إذا هما استمرا في هذا الاقتتال الفظيع؟فأجابه الكبش، من دون أن يُولي الأمر مثقال ذرّة من الاهتمام:- كيف يمكن أن يُسبب لنا الطائران مشكلات، وهما في أعالي الجو، ونحنُ على الأرض؟
بعد دقائق، انتفض الديك، وهو يرى الصراع يشتد، والطائرين يزدادان قرباً من الأرض، فقال في هلَع للكبش:- ألا ترى، يا صديقي، أن الطائرين يقتربان أكثر فأكثر من سطوح الأكواخ؟من دون أن يفكر أو يهتم،
أجاب الكبش:- وأنت ماذا يهمك من كل هذا، دعهما يتقاتلان وأرحنا.فجأة، لم يعد الطائران قادرين على مواصلة الصراع، فانفصلا، ولكن شدة الإنهاك جعلتهما يقعان على الأرض وسط نار، نسي القرويون إطفاءها، فأنتفضَا، ولكن ريشهما الملتهب ألقَى بالشرور على سطح الكوخ، وسَرَت النيران في كل أكواخ القرية.صاح الديك في هلع: ألم أقل لك إن اقتتالهما في الجو، قد يُسبِّب لنا مشكلات جمة؟ولكن الكبش، الذي ظل غير مُبالٍ بما حدث، قال للديك غير مُكترث:- القرية ليست قريتنا، هي قرية الناس، فلماذا نهتمُّ ونغتمّ؟لمح القرويون من بعيد الدخان وألسنة اللهب، فهبوا لإنقاذ مساكنهم. كانت النيران قد أتت على الأخضر واليابس. فجلس الأهالي تحت شجرة يندبون حظهم. ولكي يهدئ كبير القربة من روعهم، قال لهم: يجب أن نضحّي في هذه المصيبة، لكي نطرد الأرواح الشريرة. ولابد من التضحية بالكبش والديك.فالتفت الديك إلى الكبش وقال:- ألم أقل لك: إن صراع الطائرين سيكون سبباً لسوء مصيرنا؟****
نحنُ نتوهم دائماً أن ما يحدُث للغير لا يمسنا بسوء!الهنود الحمر، عندما يمرض أحدهم، يقول عنه كل واحد: أنا مريض بفلان!